بقلم شاهنده
زوجة وهذه امرأة وشتان بين السكن والمسكن.
ذهب إلي الشرفة وفتح بابها فتململت زوجته تقول
اقفل الباب ياسي عادل الجو برد.
ذهب إليها يضع الدثار فوقها قائلا
هخرج أشرب سېجارة وبعدين اقفلها وأنام.
تدثرت بالغطاء تعود للنوم قائلة
طيب متعوجش.. تصبح علي خير.
لم تسأله حتي ان كان قد تناول طعامه أم لاحسنا لقد فقد شهيته ويحتاج فقط إلي بعض الهواء.. خرج إلي الشرفة وطالع الطريق بحزن يتلمس السور الذي كان يراها تضع كوعيها عليه في انتظاره.. يدرك بكل وضوح أنه اشتاق إليها پجنون تري كيف هي الآن
الآن تسأل وأين كنت حين احتاجتك
رد عقله
هي من أذنبت في حق أمي ولم تترك أمامي خيارا.
بل آثرت الهروب حين زادت أعبائك وشعرت بثقل الهم.
لم يكن مرضها حملا انه قضاء الله وقدره.
ان كنت اعترفت بأنه القدر وليس ذنبا اقترفته يداها اذا لم لم تساندها كما فعلت هي دوما
فعلت.. كنت.. كنت...
كنت ماذا لا تجد جوابا كافيا.. أليس كذلك.. أخطأت كثيرا في حقها.. تعترف الآن.. لكن للأسف بعد فوات الأوان.
ووردة.. وأباها.. وأمك هل سيقبلون سيقيمون الدنيا ويقعدونها وربما يقتلونك.
أمسك رقبته خوفا يقول عقله..
سأخفي الأمر عنهم
وهل سترضي هند تعرفها جيدا لتدرك استحالة الأمر لذا ارضي بقدرك وعش معه.. فهذا اختيارك ولكني للأسف أتحمل عڈابه معك.
هنا.. أغروقت عيناه بالدموع فاغلق عليها أهدابه ثم فتح عيونه وهو يمسح دموعه يعود للداخل بخطوات بطيئة يغلق الباب ثم يتجه إلي مكانه بالسرير ويتموضع لينام بملابسه.
كانوا يجلسون حول مائدة الطعام يتحدثون ويتضاحكون دفء يحيط وجودهم سويا يمنح المكان سعادة لا تنضب.. انه دفء العائلة الذي شعر بها الجميع حين ضمهم سقف واحد.
ياصباح السعادة والضحكة اللي جايبة آخر الفيلا.
قال ادهم جملته بينما يدلف إلي حجرة الطعام فطالعه الجميع بابتسامة قالت السيدة منيرة ببشاشة
صباح السعادة لقلبك ياابني قرب افطر معانا حماتك بتحبك.
هي فعلا بتحبني.
قالت نبيلة بفضول
صحيح ياأدهم.. نعرفك بقالنا مدة ودي اول مرة نعرف انك متجوز طب فين مراتك مشوفنهاش ولا مرة
حزن ظهر علي وجهه أثار فضول هند وزاد من فضولها مواراته السريعة لملامحه وهو ينكس برأسه بينما تقول منيرة بأسي
علا مراته الله يرحمها ماټت وهي بتولد بنته نفين من سبع سنين.
قالت نبيلة بندم
رفع وجهه إليها يقول بابتسامة رغما عنه جاءت باهتة وهو يقول
اللي زي علا مبيتنسيش ياطنط نبيلة..الله يرحمها.
مرضاش ياحبيبي يتجوز أبدا بعدها رغم اني كلمته كتير لكن كان دايما يقول مفيش زي علا في الدنيا ياعمتي..وبعدين مش عايز أجيب مرات أب لنفين.. روحه فيها ياقلبي والشهرين اللي بتقعدهم مع جدتها في الصيف بيكون فيهم زي المچنون كل يومين يروح اسكندرية بس عشان يقعد معاها شوية ويرجع.
طب أدهم مش راضي يتجوز عشان ذكري مراته الله يرحمها انت بقي متجوزتش لحد دلوقت ليه ياخالد
غص خالد بمشروبه بينما تقول صفية باستنكار
ماما !
بس يابنت أنا خالته ومن
حقي أسأله وبعدين أنا أم وعارفة ان أمنية أي أم تشوف أحفادها ولو سيبنالكم السايب في السايب ھنموت من غير مانشوف أحفاد.
ضحكت منيرة قائلة
يسلم لسانك يانبيلة.
مال أدهم علي أذن خالد يقول بهمس مرح
رد يافالح خالتك وعمتي اتفقوا عليك وهتدخل عش الزوجية ياحبيبي.
مستحيل.
قالها بدوره بهمس قبل أن يقول لنبيلة
بصراحة ياخالتي اللي اتجوزوا سدوا نفسي عن الجواز وحسيت انه شراكة فاشلة فخليني في الشراكة الناجحة.. صحيح ياأدهم الشركة عاملة ايه في غيابي
ابتسم الجميع بينما أدركت نبيلة انه يتهرب لذا تركت الأمر مؤقتا اعتدل أدهم قائلا بجدية تعجبت لها هند التي تراه يتمتع بوجوه عديدة وكأن مبدأه لكل مقام مقال
كانت الأمور ماشية زي الفل لحد النهاردة مصممة أزياء الشركة وهي جاية تمضي العقد طلبت نص مليون جنيه زيادة وطبعا موافقتش فبكل وقاحة قدمت استقالتها وسابت الشركة.. عرفت بعدها ان جالها عرض من المنافسين لينا في السوق زي ماكنت شاكك وعشان كدة كانت بتطلب بقلب جامد.
قالت نبيلة بدهشة
هم المصممين بياخدوا كل الفلوس دي
قال أدهم
وأكتر لإن مصممة أزياء اي دار أزياء بتبقي هي أساس نجاحهم بأفكارها وابداعها.
قالت منيرة
ولما انت كنت شاكك في انها جالها عرض من المنافسين مديتلهاش الفلوس اللي طلبتها ليه ياأدهم
قال خالد
أدهم معاه حق ياماما مادام عملت كدة يبقي كان سهل قوي يشتروها وساعتها هياخدوا منها التصميمات وينزلوا زيها في السوق بسعر أرخص والمجموعة تخسر.
قالت منيرة
طب والحل
قال أدهم وهو يهز كتفيه
مفيش قدامنا غير التعاقد مع مصممة تانية بس نلاقي فين بسرعة مصممة موهوبة وتكون أمينة في نفس الوقت
موجودة.
الټفت الجميع إلي صفية بينما هزت لها هند رأسها نهيا فقطبوا جبينهم في حيرة ليقول خالد
هي مين دي ياآنسة صفية
المصممة اللي بتدوروا عليها.. قدامكم أهي.
أشارت لهند التي احمر وجهها من تسلط النظرات عليها بينما تقول صفية
موهوبة جدا ومظنش هتلاقوا أأمن منها علي شغلكم.
قال خالد
الكلام ده بجد ياهند بتعرفي تصممي أزياء
قالت نبيلة بفخر
بتعرف.. دي أستاذة وياما قلتلها تفتح محل بس هي اللي مكانتش بترضي دي حتي هي اللي صممت فستان فرح صفية ونفذته في يومين.......
صمتت تضع يدها علي فاهها بړعب وملامح صفية تتجمد كلية يظهر الألم في مقلتيها قبل أن تواريه قائلة بهدوء
الفستان معايا فوق لحظة هجيبهولكم.
أسرعت من أمامهم تتجه إلي حجرتها بينما قالت نبيلة بحزن
يقطعني كان لازم أفكرها.
قالت هند بحزن
القلب لما بيحب مستحيل ينسي حبيبه حتي لو ادعي العكس ياخالتي بيفضل الحزن مستخبي فيه لكن أوقات لازم يظهر والا البني آدم ېموت من القهر.
وجد خالد نفسه يفكر في هذه المخلوقة.. رقيقة لكنها قوية ومخلصة.. سندا لكل من حولها لا تفكر في نفسها قدر الآخرين تماما كأخته.. ربما مازال في جنس النساء هذه الأيام من تستحق كل الاحترام والتقدير بينما فكر أدهم في كلمات هند ليجد نفسه يتساءل..
هل تقصد ابنة خالتها ام تقصد نفسها بهذه الكلمات وهل لا تزال تفكر بهذا النذل بعد كل مافعله بها وجد هذه الفكرة تحنقه للغاية لسبب لا يدري كنهه.
عادت صفية تمسك الفستان وتمنحه لخالد الذي أخذه منها قائلا بسعادة
أيوة بقي .. أختي فنانة والله.. طالعالي.
نهض أدهم يقول بمرح
طالعالك إيه دي عديتك بمراحل انت آخرك تصميم العرض لكن الأزياء فن تاني خالص.. تسلم ايدك يامدام هند.
اكتفت بابتسامة خجولة بينما قال خالد
يبقي نبتدي الشغل من بكرة.
علي شرط.
قطب خالد جبينه بحيرة حين سمع كلمات اخته قائلا
شرط ايه
هحتاج صفية معايا دي خياطة شاطرة قوي وذوقها يجنن في اختيار الألوان.
أكيد انت معانا ياآنسة....
قطع كلماته وهم يبحثون بعيونهم عنها فلم يجدوها ليدركوا مدي تأثرها بالماضي حتي انها لم تتحمل وجودها مع فستان زفافها في ذات المكان ليتعجب خالد عن احتفاظها به واحضاره معها ان كانت رؤيته تحمل لها كل هذا الألم.
يتبع
الفصل التاسع
إلي متي سيظل القلب يإن للذكريات يوجعه أقل شيء يجعلني أدرك غيابك أختنق حين أتلفت حولي ولا أجدك.. وأشعر بالألم حين أري طيفك وأدرك أنه لا يستطيع احتوائي.. أصبح نهاري كليلي ظلمات لا يتخللها ضوء الحزن يرعي لحظاتي والدموع تؤنسها ليقفا بين الجسد والمهاد ويتركاني أعاني مرارة الفراق.
مسحت دموعها برقة تطالع الحديقة من حولها فانتفضت علي صوت يأتي من خلفها قائلا
واقفة لوحدك ليه
استدارت تواجهه قائلة
مفيش.. حبيت أشم شوية هوا.
في اللحظة اللي فرحنا فيها بسببك فضلتي متحتفليش معانا و تبعدي عننا عشان شوية هوامعتقدش.
منحته ظهرها قائلة
مش يمكن حبيت أكون لوحدي في اللحظة دي
استدار يواجهها قائلا
الوحدة قاسېة قوي بتاخدك في دوامة تكبر فيها مشاعرك السلبية هتخلي حزنك أعظم ومرارتك توجع القلب.. هتاخدك سكة مش هتعرفي ترجعي منها..الوحدة عمرها ماكانت حل قد ماهي هروب من الحل والحل الحقيقي للۏجع هو وجودك بين اللي بيحبوكي.. انت بتحاولي تبني مابينك وبين الناس سد عشان ميحسوش بوجعك بس مش آخدة بالك ان السد ده هيمنع كل المشاعر الحلوة كمان تدخل قلبك وتسعدك.. السعادة زي الحزن لو مشاركتيهاش حد تقتلك.
انت عايز توصل لإيه بالظبط
مش عايزك تستسلمي لحزنك أنا كنت زيك مجروح من الدنيا وقلبي موجوع انت حبيبك ماټ وأنا حبيبتي غدرت والۏجع في الحالتين رغم اختلافه بېقتل ولقيت دوا چرحي وسطكم.. لقيته لما لقيت حب أكبر من أي حب.. حب العيلة والسند.
طالعته بعيون حائرة فتردد للحظة قبل ان يمسك يدها فانتفضت ولكنها لم تترك يده وهو يقول
اتمنيتي المۏت ألف مرة مش كدة حسيتي ان الحياة مبقالهاش طعم وان حتي أنفاسك مليانة مرارة زي الحنضل.. بټوجعك كل مابتخرج وتدخل بقيتي زي اللي لابس نضارة سودا صحيح مش أعمي وشايف الدنيا بس شايفها كئيبة ومتستاهلش الحياة لحد ما فجأة النضارة اتشالت من علي عنيكي لما بدأتي متفكريش في ألمك وتفكري في ألم غيرك.. هند.. ۏجعها خلانا نعرف قيمة الحياة.. حبنا ليها خلانا نقوي عشانها هي ابتديتي تعرفي زيي ان كان لازم تعيشي لان دورك في الحياة أكبر من أي دور ممكن حد يقوم بيه.. انت السند لكل اللي حواليكي ومن غيرك هيضعفوا وينكسروا .. مش ممكن نحسسهم بضعفنا لانه هيوجعهم ويخوفهم ويكسرهم.. ودي حاجة مش ممكن نسمح بيها أبدا.. مش كدة ياصفية
اغروقت عيناها بالدموع تهز رأسها ببطىء فابتسم بحنان قائلا
يبقي تمسحي دموعك دي حالا وتدخلي تفرحي هند بوجودك جنبها زي مافرحتينا باقتراحك.. شاركيها فرحة كنت لوحدك السبب فيها.. اسنديها وقويها وصدقيني هتلاقي نفسك أقوي من الماضي وقادرة تعديه.
ترك يدها في هذه اللحظة فهمست قائلة
انت أخ عظيم قوي ياخالد وانا فرحانة بجد لانك موجود في حياة هند وياريت تعتبرني أختك لانه شيء هيسعدني بجد.
اكتفي بابتسامة هادئة بينما تستدير صفية عائدة للداخل بينما يهمس خالد قائلا
دقة قلبي بتقوللي انك مش هتنفعي تكوني اختي ياصفية.. وان قدامي مهمة شبه مستحيلة عشان اقنعك بمشاعر اتولدت جوايا من يوم ماشفتك.. بس عندي يقين انك قدري وان مهمتي حتي لو مستحيلة ففي النهاية هنجح فيها وهفوز بقلبك اللي زي الدهب ده.
سار يتبعها إلي الداخل بعزم ويقين محب.
قال أدهم باعجاب