ساره مجدي
تعشق ذلك الأسم منه تشعره محبب إلى قلبها ولم تجيبه بشئ و هو يعلم أنها لن تجيب هو يفهمها أكثر من نفسها يعلم جيدا أنها و رغم قوتها إلا أنها تتجنب ذكر والدها بأى شكل حتى حين يحدث موقف كالذى حدث اليوم تتظاهر بكأن شئ لم يكن و تتعامل بشكل عادي لكن يظهر ذلك على جسدها كالأن يعلم جيدا كيف تجنب عقلها ذلك الألم هى لا تعتبر والدها على قيد الحياة لا تتحدث إليه و لا تتحدث عنه كحال شقيقتيها رغم أن لكل منهم و على حسب طباعها ردت فعل مختلفة خاصة بوالدهم لكنه يتألم أكثر على حبيبة قلبة
أستمر مجهده و وشك أصفر مالك يا عائش بلاش تخوفينى عليكى و لو على إللى
يمكن تعب من الشغل أو مجهود زيادة
يعلم جيدا أنها لن تتحدث عن الأمر و هو لن يضغط عليها لكنها أبتسمت بمشاغبة و أكملت قائلة
يمكن محتاجة أجازة و دكتور قلبي يعملى مساج أسترخائى مميز
ليبتسم بجانب فمه و عيونه يرتسم بداخلها شقاوة الأطفال و قال بمشاغبة تشابه مشاغبتها
يا خبر أبيض ده أنا مقصر خالص أستعدى النهارده هعملك مساج
و مد يده ېلمس ساقها من أسفل الفستان صعودا إلى الأعلى و هو يكمل
هيريحك على الآخر و يخليكى تسترخى و بعده مش هتقدرى تستغنى عن المساج بتاعنا خالص يا فندم
يوسف عيب أحنا فى العيادة أستنى لما نروح
ليضحك بصوت عالى و هو يرى تورد وجنتيها بخجل و حبيبات العرق التى نبتت على جبينها و أبعد يديه عنها و رفعها بجانب وجهه و هو يقول
أوامرك يا برنسس
ثم وقف على قدميه و هو يقول
هروح على مكتبى بقا علشان أنا سايب ثلاث حالات بره
لتقف هى الأخرى وحملت حقيبتها و هى تقول موضحة
و أنا رايحة على المستشفى فى حالة ولاده و شكلها كده الموضوع كبير و خطېر
ربت على كتفها و هو يقول بتشجيع
و أنت قدها يا قلبى ربنا يوفقك يا حبيبتى
سارت بجانبه ليغادرا غرفة مكتبها و توجه هو إلى مكتبه و دخل له إحدى المرضى و غادرت هى رغم إحساسها بالأرهاق و بأنها ليست بخير
أبتسم لأبتسامتها الرقيقة التى تزين ثغرها و هو يتذكر يوم تزوجها لم يتحمل أن ينتظر حتى تنهى دراستها و تعهد لها و أمام الجميع أنه سيعينها على إكمال دراستها و أيضا سيأجلون الإنجاب حتى تنتهى و دون أن يعلم أن الله قد قرر عنه أنه لن يكون أب أبدا
أغمض عينيه من جديد و هو يتذكر بعد أنتهائها من دراستها بأكثر من ثلاث سنوات و قد أوقفت وسيلة تنظيم الأسرة و لم يحدث حمل فجلست بجانبه ليضم يديها بيديه لتقول بخجل
غسان
نعم يا حبيبتى
أجابها و هو يقبل يديها المستريحة بين يديه لتبتسم بحب و عشق
كنت عايزه أطلب منك طلب
نظر إليها بأهتمام و قال بثقه و ثبات
نوار حبيبتى تأمر و أنا أنفذ بس
لتتسع إبتسامتها الخجلة و تزداد تلك اللمعة العاشقة داخل عينيها لكنها قالت بخجل
ربنا يباركلى فيك يا غسان و تفضل حنين كده عليا ديما
ليقترب منها أكثر و قبل جبينها بحب و قال
و يباركلى فيكى يا قلب غسان و روحه
ثم ربت على جنتها برفق و أكمل مستفهما
حبيبى كان عايز أيه بقى
عايزه أروح لعائشة أشوف سبب تأخير الحمل
أجابته بابتسامة مرتعشة لتختفى إبتسامته تدريجيا و أبتعد عنها قليلا ثم قال
نروح يا حبيبتى رغم أنى مش مستعجل على الموضوع ده و كمان خاېف لما تخلفى تنشغلى عنى بولادنا و حبك ليا يقل
و عاد يقبل يديها مره أخرى ثم قال ببعض التوتر
بس ليا عندك طلب ممكن
أومئت بنعم سريعا ليكمل هو سريعا
هنروح لدكتورة بس بلاش عائشة بلاش نخلى أى حد من العيلة يعرف أى حاجة عن الموضوع ده ممكن
لم تتفهم سبب ذلك الطلب لكنها أومئت بنعم ليربت على وجنتها من جديد بابتسامة متوتره
عاد من أفكاره ينظر إلى صورتها من جديد و هو يقول
أنا آسف يا نوار آسف رغم أنى عارف إن إعتذارى مش هيفيد بأى حاجة بس أنا آسف
ظلتا الصديقتان يتحدثان كثيرا و يضحكان
أن جنة قادرة على إنتزاع الضحكات من أعماقها و إخراجها من قلبها بحرية و إنطلاق
وقفت جنة و هى تقول
هو أحنا هنفضل قاعدين فى الأوضة تعالى ننزل الجنينة نقعد فى الهوا
ثم جذبتها من يديها و هى تكمل بمرح
أنا مش عارفة إزاى يكون عندكم جنينة حلوة كده و تفضلي قاعدة في الأوضة يا كئيبة يا عدوة الفرحة ده لو أنا ممكن أبات فيها
لتضحك حلم بصوت عالى و سعادة حقا جنة الوحيدة التى تخرجها مما هى فيه دون أدنى مجهود منها بطبيعتها المرحة و روحها الطيبة
توجهوا إلى الحديقة الخلفية بعد أن وضعت الزهور فى إناء مميز و خبئت باقى الأغراض فى إحدى أدراجها حتى لا يراها أحد فلن تتوقف أختيها عن محاولة إقناعها بالموافقة على الأقتران براغب
جلست على الأريكة الخشبية و جلست جوارها جنة وعقصت قدميها و هى تقول
إبن عمك ده عبقرى عامل المكان ده تقعدوا فيه براحتكم و كمان محدش يشوفكم فيه و حاجة كده قمر
نظرت إليها حلم و هى تتذكر ذلك الوقت الذى ظل راغب يعمل فى ذلك المكان المخصص لهم و لمدة أسبوع كامل بعد أن أحضر كل الأدوات الذى أراد كان يرفض أقتراب أى شخص من المكان حتى أنه وضع مظلة كبيرة حتى لا يراه أحد من النافذة و حين أنتهى توجه إليها هى و طلب منها أن تأتى معه و حين رفضت ذهبت معها عائشة ليصدما الأثنان من جمال المكان و روعته و الخصوصية القوية به دون أن يشوه المظهر المميز للحديقة
فعلا المكان حلو أوى و بحب أقعد فيه رغم
ولم تكمل كلماتها و هى ترفع عيونها إلى نافذة غرفته المفتوحة دائما لتنظر إليها جنة بعدم فهم و قالت
رغم أيه
نظرت إليها حلم و أبتسمت إبتسامة صغيرة و هى تقول
بطلى فضول
لتضحك جنة بمرح و قالت بمشاغبة و هى تداعبها بحاجبيها
مبقاش جنة لو مكنتش فضولية
لتضحك حلم من جديد بصوت عالي مر الوقت بين الصديقتان فى مرح و كانت رقيه و نوار يقفان عند باب المطبخ الخلفى يتابعان ما يحدث حتى قالت نوار
أكثر واحدة بتخرج حلم من عزلتها و الحالة النفسية السيئة إللى هى فيها
لتقول رقيه ببعض الشرود غير منتبه لكلماتها و تأثيرها على نوار
لولا أن راغب بيحب حلم و لسه شايف منها أمل كنت خطبت جنة ليه هى دى البنت إللى تفرحه و تسعده بجد
تجمعت الدموع فى عيون نوار و لم تعلق على تلك الكلمات لكنها تحركت خطوتان حتى تصعد إلى غرفتها لتجد غسان يقف هناك ينظر إليها باعتذار عن كلمات والدته التى ضايقته رغم تفهمه لموقف أمه و خۏفها على إبنها الذى كاد يكمل عامه الثلاثين بعد عدة أيام أكملت سيرها و وقفت أمامه و هى تقول
حمدالله على السلامة رجعت بدرى النهارده
قبل جبينها و هو يستنشق رحيقها المميز و الذى يتغلل إلى روحه يربت على قلبه المحمل بالأثم و الذنب
أقتربت رقيه من وقفتهم و هى تقول
أطلع شوف راغب و خليه ينزل عمك هيصحى كمان شويا و أنت عارف إللى بيحصل كل مره
نظر إلى نوار التى نظرت أرضا ثم نظر إلى والدته بلوم لتقول رقيه بهدوء بعد أن أقتربت عدة خطوات من نوار و ربتت على كتفها بحنان
يا بنتى أنتى و أخواتك البنات عندى زى بناتى و غلاوتكم من غلاوة ولادى الثلاثة أنتوا عندى ولاد دلال الله يرحمها مش ولاد أحمد
ثم أبتسمت بتشجيع و هى تكمل كلماتها
أطلعى بقى مع جوزك ساعديه علشان يغير هدومه بسرعة و صحوا راغب و أنزلوا بسرعة
غادرت نوار مع زوجها فى نفس اللحظة التى علا فيها صوت هاتف المنزل
توجهت رقيه إليه و جلست على الأريكة الكبيرة التى تجاوره و وضعت قدم فوق الأخرى و أجابت ليصلها صوت يوسف الذى أبلغها بأنهم سيتأخرون اليوم فلدى عائشة عملية ولاده متعثرة و هو أيضا لديه عملية قلب مفتوح لطفل لصغير
أغلقت الهاتف و هى تدعوا لهم و لأولادها جميعا بصلاح الحال و الرزق الحلال و الذرية الصالحة
كان بركات يجلس فى غرفته يفكر بهم ماذا فعل بحياته حتى يكون له ولد كأحمد بكل ما يقوم به من أعمال مشينة و سيئة بماذا أذنب و بماذا أخطئ معه و كيف يكون أخطئ و ما قام به معه قام به مع أخيه الأكبر و ها هو مصطفى إبن يفتخر به و أب جيد و زوج رائع و رجل أعمال مميز
بماذا أخطئ حتى ېقتل ولده زوجته ويجعل فتياته يخجلن من كونه والدهم
لا تستطيع إحداهم أن تنظر فى عينية براحة و أمان دائما هناك لوم ظاهر فى عيونهم لوم عن ذلك اليوم الذى طلب منهم أن يتناسوا أن والدهم هو من قتل والدتهم و ليس هذا فقط سكوته أمام أفعاله المخجلة