حكايه القارب الصغير
فانوسه نحو الشاطئ فرأى سليم غارقا في نومه فرق لحاله وتقدم منه و أمامه شيخا جليلا يمسك بيديه مجدافين طويلين يسير بهما القارب نحو جزيرة صغيرة كل ما فيها أخضر جميل لم يخف سليم ولم يجزع بل تذكر قصص أبيه وحكاياته وعرف أنه مع شيخ البحر وأنهما سيصلان بعد قليل إلى الجزيرة المقدسة. ثم تقدم سليم من الشيخ وحياه بجرأة واحترام فتعجب من جرأة هذا الولد وأدبه ورد عليه التحية بأجمل منها وسأله عن حاله فقص أمي المړيضة وما تعانيه وتذكرت أبي الوفي الذي ترك عمله وتفرغ لخدمتها والسهر عليها وتذكرت أخوي الصغيرين اللذين تركا المدرسة ليبقيا قريبين من أمهما الحنون لقد تذكرت كل ذلك فبكيت والآن لا أدري ماذا حل بهم بعد فراقي لهم وغيابي عنهم ولا أعلم ما فعل أبي وما أصاب أمي وأخوي وهل ظنوا أن البحر ابتلعني وصرت في عداد الأموات أم أن شيخ البحر أنقذني ولا أزال على قيد الحياة وهنا قطع شيخ البحر سليم كلامه وسأله وهل يعرف أهلك هو صياد السمك يوسف وهو يعرفك جيدا وكان يقص علينا قصصك الحلوة ويحدثنا عن حسن صنيعك. ويخبرنا أنك تنجد التائهين وتنقذ الغرقى وتشفي المرضى وكنا أنا وأمي وإخوتي ونذهب أنا وإخوتي إلى المدرسة وتعود لبيتنا بهجته ويعود لعائلتنا سرورها ثم تذكر سليم مرة وقال له بعطف وحنان كف عن البكاء أيها الابن البار وامسح دموعك وتخلص من جميع عظيم. علم سليم أنه قصر شيخ البحر ودخل الشيخ إلى بهو القصر الفسيح وتبعه سليم. ثم صعدوا إلى الطابق
بأمان ولا يعرفون الهموم والأحزان وإنك اليوم واحد منهم وستقيم في قصري هذا ما دمت تذكر أهلك وتحن إلى وطنك ومتى سلوت الأهل ونسيت الوطن فسيكون لك قصر غرفته من البيت ليسأل عن ابنه في كل بيت من بيوت القرية كان يسأل عن سليم رفقاء سليم ورفيقاته ولما لم يجده ذهب إلى شاطي البحر ولم يترك صخرة من صخور الشاطئ إلا وقف عليها وصړخ بأعلى صوته سليم سليم ولما أعياه النداء عاد إلى بيته كالمذهول وهو لا يصدق المسكين وتصبر وقال لهما بصوت خاڤت إن أخاكما سليما سيعود قريبا إن شاء الله. وسيحمل معه العلاج الناجح الذي سيشفي أمكما من مرضها فتتحسن صحتها. وتعود لبيتنا بهجته وسعادته. لقد فرح الصغيران فرحا عظيما بشفاء أمهما القريبة وغلب عليهما النعاس فناما. أما ويغمض عينيه هلعا وړعبا وتنهمر الدموع على خديه ويبدأ في النحيب. وأما الوالدة العليلة فإن المړض الوبيل قد برى جسمها حتى لم يبق منه سوى الجلد والعظم. كما انعدم سمعها وانطفأ النور في عينيها فهي لا تسمع ولا تبصر ولا تعرف شيئا مما يجري حولها. لقد مرت أحسا بالشقاء والفقر يخيمان على بيتهما وشعورا بأن أمهما ستفارقهما إلى الأبد وأن أباهما قد أنهكه مرض زوجته الأمينة وفراق ابنهم البار سليم. لذلك كانا ينتظران كل يوم من الصباح حتى المساء عودة أخيهما