حكايه القارب الصغير
انت في الصفحة 3 من 3 صفحات
سليم قبل فوات الأوان حاملا معه العلاج الناجع لأمهما الحنون في الجزيرة المقدسة وكانت تمر عليه الأيام فيحسبها أطول من
وهوائها العليل ومائها السلسبيل وأعشابها النصرة وأزهارها العطرة وظلالها الظليلة و أمل الرؤوموأباه الوفي وأخويه الحبيبين. بل زاد شوقه إليهم وتعلقه بهم وهو يتذكر أمه العليلة ولا يدري أتغلب عليها المړض الخطېر فقضى عليها أم أنها لا تزال تتحمل آلامها بجلد وصبر والصبر مفتاح الڤرج عسى أن يمنحها الخالق الكريم الصحة والشفاء ويتصور أباه العزيز ولا فهو ما زال صامدا صابرا يدعو الله القدير أن يكون بعونه ويزيل همه ويتخيل أخويه الصغيرين نبيل وسعاد وهما يبحثان عنه داخل البيت وخارجه فلا يجدانه ولا يقفان له على خبر. كانت تمر هذه الذكريات والصور في رأسه وأمام عينيه فينفجر بالبكاء وتنهمر الدموع من عينيه ثم يعلو صياحه وعويله حتى أن سكان الجزيرة المقدسة تعجبوا منه وحاروا في شيخ البحر سيد الجزيرة ورئيسها كي يعرض له أمر هذا الولد الغريب الذي عكر صفوهم خواطرنا ببكائه وإذا استمر ببكائه وعويله فسيحول نعيم جزيرتنا المقدسة إلى چحيم. وإننا نرجوك أن تزيل السبب الذي من أجله يبكي وينوح حتى يبقي لجزيرتنا بهاؤها ورونقهاولقد استدعى شيخ البحر الابن البار سليما فحضر حالا ووقف بين يديه وسلم عليه. فسأله الشيخ عيونهم عطفا عليه
أن يقضي حاجة هذا الولد البار الذي يستحق التقدير والإكبار. فوعدهم شيخ البحر خيرا ثم تركهم ومضى إلى جناحه في القصر ليستريح قليلا. لقد انصرف أعضاء الوفد حامدين شاكرين لأن الشيخ احتفى بهم واستقبلهم أحسن استقبال ولبى رغبتهم في الحال ورجع سليم إلى غرفته وهو لا يكاد يصدق ما سمعته أذناه إنه ينتظر ساعة الڤرج بشوق ولهفة لقد مال ميزان النهار وغابت الشمس ومشى الليل في الجزيرة حتى إذا لفها بجناحيه بدت وكأن كل شيئ فيها هادئ صامت فلا حركة إلا حفيف أوراق الشجر واهتزاز الغصون ولا صوت إلا صوت تكسر الأمواج على صخور الشاطئ القريب ووقع خطوات سليم وهو يذرع أرض الشرفة ذهابا وإيابا ينتظر الأمر بالرحيل انقضت ساعة من الليل حسبها سليم يوما بل شهرا ولم تنقض الساعة التالية حتى دخل شيخ البحر على سليم وأشار إليه أن اتبعني فتبعه حتى وصلا إلى الشاطئ فصعد الشيخ إلى قاربه الصغير وصعد ولم ينتصف الليل حتى أطل القارب على الشاطئ الثاني شاطئ بلده الحبيب الذي لم ينسه سليم حتى في الجزيرة المقدسة بل زاد حبه له وتعلقه به. وأمام الصخرة ذاتها التي جلس عليها سليم منذ مدة بعيدة أوقف شيخ البحر قاربه ثم ضم سليما بين ذراعيه وقبله على خديه وخاطبه بعطف وحنان أيها الابن البار لقد وصلت إلى وطنك وستلتقي بأهلك وإنني مكافأة لك على الفقير ويسعد البائس فاحرص عليه واحتفظ به وانتفع منه. كان سليم يسمع هذه الكلمات بيد يتمنى لو يدرك أمه ويرى أباه ويلتقي بأخويه. وصل سليم إلى بيته وطرق الباب بيده اليمنى ويده اليسرى على قلبه فهو يخشى أن لا يجد أمه فيه ولما انفتح الباب نظر إلى أبيه الواقف أمامه كالمذهول بعين ونظر إلى فراش أمه حيث تركها بالعين الثانية ثم أسرع نحو أمه وعاد النور إلى عينيها وانطلق لسانها فقالت وما أحلى ما قالت الحمد لله الذي بفضله غمرني وشكرا لشيخ البحر الذي بخاتمه أنقذنيوفي الصباح زاولت أم سليم عملها في البيت ورجع أبو
النهاية