بقلم شاهنده
بالشكل ده لو مكنتش مسألة حياة او مۏت.. هي جت النهاردة مش طالبة أكتر من انسانيتك.. حتى ياسيدي لو مش من لحمك ودمك.. فدى إنسانة خلاص بين ايدين ربنا مستسلمة للمۏت وفي ايدك بس نجاتها منه بعد مااستسلمت ليه.. انت متعرفش هند..متعرفش قد ايه هي واحدة طيبة مأذتش حد في حياتها بس أقرب الناس ليها أذوها شافت كتير ياقلبي.. أبوها ماټ وهي لسة مكملتش ٣ سنين وأمها ماټت وهي عندها خمس سنين.. خدناها في حضننا وبقت بالنسبة لي الأخت اللي أمي مجابتهاليش ولما كبرت واتجوزت حماتها أذيتها كتير بس كانت دايما بتعاملها بالحسنى لأنها ملاك مبقاش موجود منها كتير على الأرض ولما جالها المړض اللي بيقضي على حياتها جوزها الندل اتخلى عنها وسابها للمۏت ودلوقتي حتى اخوها بيتخلي عنها وكأن الملايكة مش لازم يعيشوا على الأرض.. عايز تسيبها ټموت اتفضل بس انا مش هسامحك أبدا ولا ربنا هيسامحك وعيش بذنبها لو تقدر.
ممكن أعرف قافل عليك الأوضة وعامل في نفسك كدة ليه
طالعه خالد بملامح جامدة وهو يقول
من فضلك ياأدهم أنا مش عايز أشوف حد دلوقت.
اقترب منه أدهم يمسك كتفيه يهزه بقوة قائلا
انت ايه مشكلتك ماتفهمني ايه يعني طلعت فجأة مش ابن الناس اللي ربوك ايه يعني اكتشفت انك ابن ناس تانيين.. هتفرق في ايه يعني ده هيقلل منكلأ طبعا..خالد اللي الكل يشهد بأخلاقه.. اللي الكل بيحبه.. خالد الصاحب الجدع ورجل الأعمال الناجح ميعيبوش أصله.. وأصلك ست عمرها مااتخلت عنك.. كانت ضحېة ووالدتك الست اللي ربتك وتعبت عليك واديتك من حنانها طول السنين اللي فاتت دي ذنبها ايه تسيبها في الحالة دي دموعها مابتخلصش وانت رافض تسمعها أو تسمحلها تقرب منك.. جرالك ايه ياخالد
بتلومني مش كدة جرب تعيش كدبة كبيرة فجأة تلاقيها سراب جرب احساس انك تكتشف فجأة ان ليك أم ماټت
من غير ماتشوفها واخت متعرفش عنها حاجة وانت تعرف انا حاسس بإيه دلوقت.
طالعه أدهم بعتاب قائلا
بس ليك أم عايشة هتموتها بحالتك دي.. والأخت اللي بتتكلم عنها محتاجالك ياخالد.. كل لحظة بتضيعها ممكن تكون آخر لحظة ليها.
ليتنهد قائلا
مش ممكن تكون خالد اللي عرفته طول حياتي..اللي كان بيساعد الغريب قبل القريب دلوقتي لما أخته احتاجته اتخلى عنها عشان كلام تافه وملوش أي لازمة.
ظهر الصراع على وجه خالد وهو يقول
انت ايه ها مجروح الوقت قدامك هيداوي چرحك ويطيبه وبسهولة جدا طول ماحواليك ناس بتحبك وواقفة جنبك لكن أختك دي مقدمهاش وقت.. مابين لحظة والتانية هتستسلم للمۏت و قلبها هيقف ووقتها صدقني مهما بكيت مش هترجعها ومهما عملت مش هتقدر تمحي ذنبها اللي هيطارد ضميرك طول العمر.. فكر ياصاحبي بس ياريت تفكر بسرعة لان الوقت أكيد مش في صالحك.
قالت نبيلة بهلع
يعني ايه الكلام اللي بتقوله ده يادكتور
زي ماقلتلك ياست نبيلة حالة هند بتدهور ولو ملقيناش متبرع في أسرع وقت فأنا آسف مضطر أقولك انها مھددة بالمۏت في اي لحظة.
ياحبيبتي يابنتي.. ياحبيبتي يابنتي.
المتبرع موجود يادكتور أنا مستعد أعمل الفحوصات علطول.
استداروا يطالعون المتحدث ليظهر الأمل بعيون صفية وټغرق الدموع عينا نبيلة وهي تطالع ابن أختها الذي وقف بهدوء يصحبه شابا في مثل سنه او أكبر قليلا وسيما بدوره قمحي البشرة أسود العينين تظهر الطيبة على ملامحه بينما قال الطبيب بحيرة
حضرتك مين
قالت نبيلة بفخر
ده يبقى خالد.. أخو هند الكبير يادكتور.
يتبع
الفصل السابع
كانا يستلقيان على سريرين متباعدين بعض الشيء تتصل أجسادهم ببعض الأسلاك التي تربطهم بأجهزة قياس مؤشراتهم الحيوية بينما تتطلع إليهما قلوب حملت لهما حبا من خلال نافذة الحجرة حيث منعهم الطبيب من الدخول يكتفون بمشاهدتهما على أمل أن يستيقظا قريبا ويعيدا لهم أنفاسهم المأخوذة خوفا وقلقا.. خرج الطبيب إليهم بعد فحص هند وخالد قائلا ببشر ما ان التفوا حوله
أحب أطمنكم ان العملية نجحت ووضع المړيضة وأخوها كويس جدا الحمد لله.
قالت منيرة من خلال دموعها
لما خالد وضعه كويس زي مابتقول يادكتور ليه مفاقش لحد دلوقتوهند كمان مفاقتش.
خلوني أفهمكم.. في العملية بندخل حقنة كبيرة لعضم المتبرع وبناخد أجزاء من نخاعه اللي غالبا بتبقى من عضم الحوض ودي حاجة مش سهلة طبعا وممكن تأثر على المتبرع وأنا فهمت الكلام ده للأستاذ خالد قبل مايخضع للعملية.. زي ألم في الضهر مكان الحقنة صعوبة في المشي دوخة رغبة في القيء فقدان شهية بس الأعراض دي كلها هتروح بعد كام يوم وهيستعيد المتبرع نشاطه الكامل في خلال كام أسبوع..مسألة فوقانه دي وقت ممكن دقايق ساعات أو ليلة بالكتير.. هو هيفضل هنا تحت الملاحظة لمدة ٤٨ ساعة و لازمله طبعا الراحة التامة.
نكست منيرة رأسها پألم وكادت أن تسقط أرضا فأسندها أدهم على الفور ومشي بها تجاه المقاعد المواجهة لغرفة العناية المركزة ثم أجلسها بينما يردف الطبيب
أما بالنسبة للمريضة فنفس الكلام هتفوق اول ماجسمها يتأقلم مع وضعه الجديد لازم ناخد بالنا منها الفترة الجاية لان مينفعش تصاب بالعدوي اللي هتأدي لفشل عملية الزراعة أو ممكن تتلف عضو تاني في الجسم لا قدر الله زي القلب أو الكلى وفي بعض الأحيان.. الۏفاة.
قالت نبيلة بلوعة
ياحبيبتي يابنتي.. كان مستخبيلك ده كله فين
متقلقيش ياست نبيلة بإذن الله مدام هند هتكون بخير أنت بس ادعيلها.. وبعد اذنكم مضطر أمشي عشان ورايا عملية تانية.
قالت صفية
اتفضل يادكتور.
ذهب الطبيب بينما جلست نبيلة على أقرب مقعد تردد
اللهم اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.
ربتت صفية على كتفها قائلة
خلاص ياماما اهدي.. الدكتور قال منقلقش ربنا زي مابعت اللي ينقذها في اللحظة الأخيرة قادر يكمل شفاها على خير.
شوفتي ياصفية.. هي ياقلبي هنا بين الحيا والمۏت والبيه طليقها بيتجوز النهاردة ولا على باله.. منه لله.. خدها وردة مفتحة ورماها بعد ماقطفها وداس عليها بجزمته بس ربك المنتقم الجبار اللي ميرضاش بالظلم.. حسبي الله ونعم الوكيل فيك ياعادل ياابن نجية.. حسبي الله ونعم الوكيل.
كان أدهم يستمع إلي كلمات السيدة نبيلة فحانت منه نظرة إلى المرأة النائمة كالملاك جوار صديقه شعر بالشفقة عليها.. كيف يمكن لفتاة كهذه التي يحكون عنها منذ أيام ان يتخلى عنها زوجها الحقېر حين احتاجت إليه كيف طاوعه قلبه ليبعث لها بورقة طلاقها حين احتاجته سندا في أزمتها كيف لرجل تجري دماء الرجولة في عروقه أن يفعل شيء بغيض كهذا إن لم يكن يحبها حتى فأين آدميتهمايجعل الإنسان مستحقا لهذا اللقب العظيم هو قلب لن يتخلى عن إنسان يمر بأزمة.. مابالك أن يكون هذا الإنسان في كنفك
ستسأل عنها أمام الله ولن تستطيع أن تقول كنت لها سندا ووطنا لإنك حقا كنت ظالما جبارا عتيا.
دلف إلى الحجرة فوجدها تأكل ابتسمت قائلة
معلش سبجتك ياسي عادل أصل مكلتش لجمة من صباحية ربنا يلا تعالي سمي الله وكل معايا.
هز رأسه رافضا بأدب قائلا
مليش نفس ياوردة كلي انت وأنا هشرب سېجارة في البلكونة على ماتخلصي.
هزت رأسها فتوجه إلى الشرفة ووقف هناك يطالع الطريق أخرج علبة سجائره وأشعل إحداها ينفث دخانها بمشاعر تجتاحه منذ تركها هي مزيج من الندم والمرارة والذنب مشاعر تتعاظم بداخله كل يوم رغم أن كلمات والدته وتذكيره بما كانت تفعله هند بها من وراءه يبعدونها بعيدا عن تفكيره ولكنها تعاود للظهور ماان يختلي بنفسه حتى أنه أسرع بالزواج من ابنة عمه حتى يجد فيها مخدرا لهذه المشاعر فإذا بموقف بسيط كالذي حدث منذ قليل يعيد إليه مشاعره بقوة ويجعله رغما عنه يقارن بين هند ووردة فالأولي لم تكن لتضع لقمة في جوفها دونه تنتظره وإن طال غيابه.. تجد في إطعامها إياه وإطعامه إياها حبا كما اعتادت ان تقول.
سي عادل أني خلصت.
تنهد ثم ألقى باقي سيجارته من الشرفة يغلق بابها متجها إلى زوجته يأمل بمرور الأيام أن ينسى هند ولكنه وجد نفسه يتساءل في هذه اللحظة عن أحوالها ليشعر بذنب يجتاحه الآن وهو يدرك أنها بالتأكيد ليست بخير.
ياماما بټعيطي ليه بس ماانا كويس قدامك أهو وزي الفل.
طالعت منيرة خالد الذي يقف أمامها بعيون أغرقتها الدموع قائلة
مش قادرة أصدق ياابني انك واقف قدامي بجد اليومين اللي فاتوا مروا عليا زي مايكونوا سنين وانا مستنية أشوفك مفتح عنيك وقادر تمشي من تاني.
أمسك خالد يديها بين يديه بحنان قائلا
مش انا طمنتك قبل العملية والدكتور كمان يبقى ليه القلق بس
اعذرني ياابني أنا أم ولما ما فقتش علطول بعد العملية خفت أكون خسرتك ياحبيبي.. انت عارف انت غالي ازاي بالنسبة لي مش كدة ياحبيبي
ابتسم بحنان قائلا
أكيد عارف ياحبيبتي.
تركها وعاد ببطئ إلى سريره قائلا
بس خليني اقعد حبة لاني مبقتش قادر أقف.
هندهلك الممرضة تديك المسكن....
قاطعها قائلا
ملوش لزوم مبقتش محتاجله.. صحيح هو أدهم فين دلوقت
مسحت دموعها وهي تقول
هناك مع الست نبيلة وبنتها بيشوفهم لو محتاجين حاجة.
سامعكم جايبين في سيرتي.
قالت منيرة
بالخير ياابني طبعا.
ابتسم بينما يطالع
خالد الذي بدا عليه بعض الإرهاق قائلا
انت كويس ياخالد
هز خالد رأسه قائلا
أنا كويس.. هند أخبارها إيه
لسة مفاقتش.
قطب خالد جبينه قائلا
وده طبيعي
هز أدهم كتفيه بحيرة قائلا
الدكتور بيقول ان جسمها بيستعيد حيويته وأول ماتكون مستعدة جسديا هتفتح عنيها.
قال خالد بحنق
كلام فارغ انا بفكر أنقلها مستشفى تانية.
مفتكرش وضعها يسمح.
نظروا إلى هذه التي وقفت على عتبة الباب تطالعهم بملامح مرتبكةقالت منيرة
ادخلي يابنتي واقفة عندك ليه
دلفت صفية بخطوات رقيقة إلى الغرفة عيناها على خالد وهي تقول
دكتور عزيز هو أفضل دكتور في المحافظة وسمعته سابقاه صدقني مش هتستفيد حاجة بنقلها شوية ثقة في الله وفيه وبإذن الله هند هتبقى كويسة.
اكتفي بهزة رأس خفيفة وهو يطالعها لتمرر لسانها على شفتيها قائلة
الحقيقة انا كنت جاية أشكرك على اللي عملته مع هند انت أنقذت حياتها ورديت